الحق في الوصول الى المعلومة في لبنان*
الجمعة 19 نيسان 2019
مقالات و اراء

 

الحق في الوصول الى المعلومات في لبنان*

 

بقلم: مي عبود ابي عقل

عضو مجلس نقابة المحررين اللبنانية

 

صحيح ان الوصول الى المعلومات هو حق تكفله الدساتير والمعاهدات الدولية، لكن السؤال هو اي معلومة؟ وممن؟ ولمن؟ وبأي طريقة؟ وأين نحن في الحقيقة والواقع في لبنان والعالم العربي من هذا الحق؟

في القوانين الاعلامية ثمة تشديد على حق المواطن في الوصول الى المعلومة تحت عنوان "الحق في الاعلام والاستعلام"، وهذا يندرج في كون القوانين عندنا في لبنان تشدد على مبدأ الحرية الاعلامية، على ان تمارس في اطار الدستور والقوانين النافذة. لكن الحرية الاعلامية لا تعني فقط حرية التعبير، بل تقوم في الأساس على حرية الوصول الى المعلومة الصحيحة والدقيقة. وفي ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت ودورهما المتنامي، لا يمكن لأي معلومة ان تبقى خافية على أحد، مهما حاول اي نظام او أية جهة التعمية على حقيقة وجودها.

المشكلة التي يعاني منها الاعلام اللبناني هي انه من الصعب الوقوف على الحقيقة في موضوع معين، لأن كل جهة تفسر المعلومة وفقا لتوجهها السياسي، فيكون للمعلومة ذاتها تفسيران أو أكثر، وهذا ناجم عن الانقسام السياسي والطائفي والذي عمقه نظام المحاصصة الطوائفية. وهذا ما يجعل من ناحية ثانية امكان الوصول الى كل المعلومات المرتبطة بمختلف الاطراف السياسية أمر يسير، حيث الجهات المتنافسة تفضح بعضها وتفصح المعلومات عن بعضها، إذ لكل منها وسيلتها الاعلامية وإعلاميوها، فيستفيد الصحافي والمواطن على حد سواء. وتحظى المعارضة ، اي معارضة في لبنان، على عطف الاعلام ومساندته. وهذا ما لا يتوفر في العالم العربي بالاجمال، حيث يقتصر مصدر المعلومات فيه مبدئيا على النظام.

هل يوجد قانون يضمن حق الوصول الى المعلومات في لبنان؟

في العام 2009 قدمت" الشبكة الوطنية لتعزيز الحق في الوصول الى المعلومات" التي تجمع  17 هيئة ومؤسسة حكومية وغير حكومية، طلبا لصياغة قانون الحق في الوصول الى المعلومات. وفي نيسان 2009 تم اعداد  اقتراح القانون ورفعه الى مجلس النواب، ودرسته اللجان النيابية المعنية، وأنجزت مشروع القانون الذي يجيز حصول اي كان على المعلومات شرط ان لا تتعارض او تؤثر على اسرار الدولة والأمن القومي. وشاركت نقابة المحررين في كل هذه الاجتماعات، وأبدى ممثلو النقابة رأيا مؤيدا لهذا الحق، خصوصا في ما يتعلق بالاطلاع على المعلومات في الادارات العامة والوزارات وكل ما يتصل بعمل الدولة في كل المجالات، وفي تحقيقات الهيئات الرقابية، وذلك توخيا للشفافية.

 وحرصت النقابة على تضمين المشروع بنودا واضحة تسمح للصحافيين الاضاءة على كل الملفات من دون مساءلة او ملاحقة، وأن يكون لهم الحق في طلب المعلومات والحصول عليها وفق آلية شفافة وغير مكبلة بقيود، خصوصا اذا كان الهدف اطلاع الناس على المعلومات والمعاملات ومدى انطباقها على القوانين المرعية والتحقق من حصول او عدم حصول مخالفات. وتم العمل على هذا المشروع بالتعاون مع مجموعات عمل دولية تتعاون مع الامم المتحدة وتنبثق منها. لكنه لا يزال نائما في ادراج المجلس النيابي، وينتظر الافراج عنه قريبا.

في القوانين والاعراف الاعلامية على الصحافي او المؤسسة الاعلامية ان تتجنب الخبر او المعلومة، ولو كانت سبقا صحفيا، اذا كانت تلحق الضرر بالمجتمع أو الافراد، او تؤدي الى العنف، أو تتعرض لأمن الدولة واسرارها. وهذه المبادىء يلتزم بها قانون المطبوعات اللبناني، وقانون الاعلام المرئي والمسموع الرقم 382/49 . وأما تعميم المعلومات الكاذبة فتتم المقاضاة بشأنها في الاعلام المكتوب امام محكمة المطبوعات ، وفي الاعلام المرئي باتخاذ تدابير بحق المؤسسة المخالفة من جانب المجلس الوطني للاعلام.

وبالمبدأ يمكن مقاضاة من يحجب المعلومات الصحيحة، لأن ذلك من حق المواطن الطبيعي وهذا ما لا يمكن الغاؤه ، ولكن في الواقع الكثيييير من المعلومات تحجب عن المواطن والصحافي.

ويبقى السؤال هل نحن كمجتمعات وشعوب عربية مهيئون ومؤهلون لممارسة هذا الحق وتقبل نتائجه؟من أجل من يصارع الصحافي للحصول على المعلومات؟ ولماذا؟ إذ ليس المهم فقط الحصول على المعلومة بل ايضا تحليلها والاستفادة منها لمصلحة الانسان والبلد.

وأختم بطرح بعض الافكار للتأمل وللنقاش: الحصول على أية معلومة، ومن أي نظام؟ ولأية شعوب؟

 

 

*هذه الكلمة ألقتها الزميلة مي عبود ابي عقلفي في مؤتمر"الحصول على المعلومات والحريات الاساسية: من حقك ان تعرف" الذي عقد في 2-4 أيار الجاري في الدار البيضاء- المغرب، في اليوم العالمي لحرية الصحافة.  

تواصل معنا
العنوان
الحازمية – شارع سعيد فريحه – سنتر لامارتين – الطابق الرابع
الهاتف :
009615956313
009615956313
009615956313
البريد الإلكتروني :
info@orlb.org
info@orlb.org
info@orlb.org