مداخلة الزميل علي يوسف في اليوم العالمي لحرية الصحافة في اليونسكو - بيروت
الجمعة 03 أيار 2019
أخبار الصحافة في العالم

نص مداخلة الزميل علي يوسف أمين صندوق نقابة المحررين

في احتفالية اليوم العالمي لحرية الصحافة

التي نظمتها اليونسكو في مكتب بيروت
يوم الخميس في 2 أيار/مايو 2019
----------------------------------
حين اطلعت على موضوع الجلسة التي قدر لي التحدث فيها وهو حدود حرية التعبير ودون تنسيق مسبق وهذا ليس من باب الانتقاد بل من باب الإشارة. توقفت عند أفكار عديدة:
1-  أن الموضوع بما درجت العادة على تناوله هو مستهلك بكل  جوانبه وهذا يفرض عليّ التفكير بطرح الموضوع من جوانب تدخل إضافة ما فكرياً.
2-  لماذا تكون الجلسة الأولى لاحتفالية اليوم العالمي لحرية الصحافة تحمل عنوان "حدود حرية التعبير" وهل ذلك صدفة أم أن  حرية التعبير بما هي واقع حالي استجلبت الحديث عن حدودها في حين أن القمع السلطوي الذي عرفناه في منطقتنا كان يستجلب دائماً عناوين الحرية والاجراءات التي يفترض أن تضمن الحق بالحرية.
3-  هل أن تجدد الحديث وبقوة حول الاعلام العمومي ودوره في إطارات استقلالية هي استجابة لضرورات واقعية بعد أن كان الحديث حول هذا الاعلام يعتبر لغة خشبية خصوصاً أن المنظمات الدولية التي تعيد طرح هذا الموضوع هي نفسها التي كانت مناهضة لأي إعلام عمومي.
4-  هل أن كثرة الحديث عن الشرع الوطنية للإعلام هي محاولة "لغسل القيود" على الحرية أو وضع الحدود لها. بعد أن بات المنادون بها والمدافعون عنها يرون في ما آلت اليه أوضاعها تشكل خطراً عليها. بحيث تأتي الحدود حماية لها قبل أن تكون حداً منها.
كنت أفضل أن اتوقف الآن عن الكلام تاركاً للعصف الفكري لديكم مقاربة هذه الأفكار التي تحتاج الى نقاش مطول سيتحقق خلال المؤتمر الوطني للاعلام التي تحّضر نقابة محرري الصحافة اللبنانية لتنظيمه في نهاية العام الحالي وصولاً إلى وضع رؤيا وطنية حول  الاعلام.
إلاّ أنني سوف أتحدث بأختصار عن خلفيات كل فكرة من هذه الأفكار في إطار السعي لتوضيح السياق الواحد لها.
أولاً : لقد "نص اعلان حرية الاعلام في العالم العربي" في المبدأ الأول أن حرية التعبير والتي تشمل حرية الاعلام هي حق أساسي من حقوق الانسان ويشتمل على الحق في استقاء الانباء والأفكار وتألقها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية.
كما نص على أن حرية التعبير ليست حقاً مطلقاً ولكن عند فرض قيود على  هذا الحق يشترط الإلتزام ب:
1-  النص عليها في قانون واضح ودقيق ويمكن الحصول عليه بسهولة.
2-  أن تكون في إطار حماية واحدة من المصالح التالية: حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو الأمن القومي، أو النظام العام. أو  الصحة العامة، أو الآداب العامة.
3-  أن تكون ضرورية بمعنى أنها تخدم حاجات اجتماعية ملحة وانها تشتمل على الحد الأدنى من إجراءات التقييد لتحمي الحاجة  المقصودة بشكل فاعل، وأنها ليست قيود مبالغ فيها، وتتلاءم مع الهدف الذي وضعت لأجله.
كما نص الاعلان في جزئه الثاني على "القيود على المحتويات الاعلامية" فتحدث عن التدابير الجنائية وحماية السمعة وحماية الخصوصية وخطاب الكراهية والتعصب.
وشدد في المبادئ المتعلقة في هذه الشؤون على إلغاء عقوبة الحبس، وأن تكون القوانين مدنية وايجاد الحلول للتضارب بين احترام الخصوصية وبين حرية التعبير. وتم التشديد هنا على المهنية والأخلاقية والموضوعية.
إن هذا النص على أهميته وعلى مضمونه المقنع في الشكل إلاّ أنه في المضمون يحمل الكثير من الاسئلة: من يحدد مدى وضوح القانون في وضع الحدود على حرية التعبير ومن يحدد وكيف وما هي معايير تحديد الأمن القومي وامامنا الكثير مما يعرف بقوانين الطوارئ ونفس الكلام يقال عن النظام العام والصحة العامة والآداب العامة خصوصاً مع اختلاف الثقافات من يحدد ما يسمى "الحاجات الاجتماعية الملحة" ناهيك بالعلاقة المعقدة بين حماية واحترام الخصوصية وبين حرية التعبير.
قد يرد اي منكم على أن الضامن والمفسر لما تنظمه القوانين هو النظام الديموقراطي ولا ينس أن يتابع طبعاً الديمقراطي الصحيح حيث توجد الحرية، ولكن أحدهم قال مرة حين سألوه عن رأيه في النظام الديمقراطي أن الديمقراطية مع الجهل تعني أن اكثرية مغفلة قد تحكم قلة من العلماء والمثقفين.
والجهل هنا لا يعني عدم العلم بل قد يكون مؤسسة مجتمعية كالتعصب مثلاً على أنواعه والعنصرية وقبول  الاستعمار حين تكون مستفيداً منه وعدم المعرفة كالخضوع للتضليل وما يسمى  غسل الدماغ.
وسأختصر بالاشارة الى بلدي حيث أن ضمانة الحرية والديمقراطية هي النظام الطائفي كما هو الحال في لبنان وهذا يعني لا حرية ولا ديمقراطية ولا حرية تعبير. أقول ذلك وقد لا يعجب هذا الكثير منكم ولكني أقوله حتى أؤكد أنه في حالة الجهل سنقف أمام معضلة أيهما أولوية وضع حدود لحرية التعبير تحد من مضارها أم تعزيز حرية التعبير للعمل لمحاربة الجهل تلك قد تكون معضلة شبيهة بمعضلة الإجابة أيهما وجدت قبلاّ الدجاجة أم البيضة.
ولعل الكلام حول هذا الأمر وبعيداً عن المثال اللبناني بأخذ أبعاداً اقليمية ودولية بعد كل التطور الذي طرأ في مجال الاتصالات وثورة الاتصالات التي حولت حرية التعبير والإعلام سلاحاً يمكن أن يكون مدمراً كما يمكن أن يكون ايجابياً ويحقق التطور والتنمية. وإن كانت استخداماته حتى الآن برزت على نحو واضح وجلي في مجال التدمير حيث استعمل بعض الاعلام العربي في تحقيق أكبر فوضى في المنطقة وبات يتحمل مسؤولية كبيرة عن الدم  العربي ناهيك عن الاعلام الغربي الذي تسخدمه المجموعات المالية الكبيرة لخدمة اهداف لا علاقة لها بالانسانية والتنمية في معظم الاحيان خصوصاً بعد أن بات الاعلام أسير الكارتلات المالية الكبرى بعد أن بات المال ضرورة وجود لتأمين الانتشار العالمي.
هذا بالطبع هو ما استجلب الحديث عن "حدود حرية التعبير" وعن الإعلام العمومي وعن الشرع الوطنية.
أكتفي بهذا القدر وآمل أن اكون اضفت نافذة على موضوع هو بحجم مشاريع بناء الأوطان. وشكراً. 
علي يوسف

تواصل معنا
العنوان
الحازمية – شارع سعيد فريحه – سنتر لامارتين – الطابق الرابع
الهاتف :
009615956313
009615956313
009615956313
البريد الإلكتروني :
info@orlb.org
info@orlb.org
info@orlb.org